بلغت الضحالة السياسية والاستخفاف بحقوق الناس أن الحدث الأبرز في مملكة العربية السعودية هو : هل تقود المرأة السيارة ؟! خِفَّة ما بعدها خِفَّة أن
تُدار الظهور لأحداث الأمة التاريخية التي تُعبِّر عن احتقانٍ تراكم عقوداً ليُصبح المستقبل مرهونا بمطلب جزئي لا يُقدم ولا يُؤخر , ليس لأنه ليس هاما, بل لأنه يُستعمل للتستر عمَّا هو أعظم .
فالقضية الأبرز سعوديا اليوم هي كيف تُرسم سياسة المملكة, وكيف يُدار اقتصادها, وكيف تُلزَّم مشاريعها , وكيف تُغطَّى فضائحها , وأين تُبدَّد أموالها, وكيف يطغى أمراؤها… وأين المشاريع الإنتاجية الحقيقية التي تُؤدي للاكتفاء الذاتي أو ما يعادله غير صناعة البسكويت وإنتاج اللبن , وكيف تُفقئ عين بيئتها, وأين يُهدر نفطها وحقوق الأحفاد والأجيال, وأين البِنى التحتية خاصة تلك التي لها الفضل الموسمي والموعد السنوي في كل عام ومع كل مطرة ليُقتل ويُفقد الآلاف وتُهدم البيوت والمؤسسات في فضيحة مُستدامة لا نظير لها في العالم…وأين الحرية ولو ببعض معانيها ,وأين موقع الإعلام ولو مجاملة وتماشيا مع الشائع , وأين إحترام آراء المسلمين الآخرين بكافة مذاهبهم بما فيها مذاهب أهل السُّنَّة والجماعة, وكيف هي طريقة التعامل مع الحجاج والمعتمرين في كل مراحل مناسكهم… إلى عشرات الأسئلة والتساؤلات الممنوعة والتي تُموَّه يوميا بإمبراطورية إعلامية ليس لها هدف إلا أن تجعل الأسود أبيض .
لا شك أننا نترصد سرابا من مملكة الباطن والخفايا.
فهل يُعقل أن الأمة التي تصنع اليوم ثوراتها أو إنتفاضاتها فتهتز عروش ويسقط طغاة وتُغيَّر سياسات ويُقتل الآلاف وتسود الأخطار…فإذا بالمملكة المطوَّبة باسم العائلة تُناقش الأحداث الخطرة على مستوى الأمة, بما فيها فلسطين, وفي تفصيل مُمل : هل تقود المرأة السيارة ؟
بصرف النظر عن كل الكلام الضبابي والغير المفهوم الذي يُنسب للدين أو العادة أو القبيلة فإننا نستذكر تجربة الامارة المجاورة منذ سنوات في أنه هل يحق للمرأة أن تنتخب أم لا, ويكثر الكلام وتتطاير المواقف وتتلهَّى الأمة لينطق الحاكم بعد طول إنتظار ومَلَل “بنعم” أو “لا” , لن تُغيِّر من الواقع شيئا .
هذه هي قصتنا اليوم مع مملكة الصمت الأسود, وغدا سينتهي النقاش بعد أن تُستنزف الأهداف بلا موقف أو بصمت…كلها لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر ولا تُبدل ولا تُغير…
لكن قيادة المملكة ومستقبلها ودورها وحيويتها واقتصادها ونفطها وأموالها وصناعاتها… ستبقى لغزا في مهب الريح إلى أن تصلها رياح الفضائح والتي بالتأكيد سوف تفوق كل ما رأينا حتى الآن.
ليست المسألة في أن المرأة ستقود السيارة أم لا… المهم مَنْ يقود المملكة وما هو مصيرها؟!
السيد سامي خضرة
$(function(){ $('#share').click(function(){ $('#social-buttons-container').toggle(); }); });