جملة كلمات للإمام الباقر عليه السلام

جملة كلمات للإمام الباقر عليه السلام
November 24, 2017 alihabib

جملة كلمات للإمام الباقر عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ للهِ الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ وَالنِّعَمَ بِالشُّكْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى آلاَئِهِ كَمَا نَحْمَدُهُ عَلَى

بَلاَئِهِ، وَنَسْتَعِينُهُ عَلَى هذِهِ النُّفُوسِ الْبِطَاءِ عَمَّا أُمِرَتْ بِهِ، السِّرَاعِ إِلَى مَا نُهِيَتْ عَنْهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَأَحْصَاهُ كِتَابُهُ….‏

من وصية الإمام الباقر عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفى (1) قال له:‏

…. يا جابر اعلم بأنك لا تكون لنا وليا حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا إنك رجل سوء, لم يحزنك ذلك, ولو قالوا إنك رجل صالح, لم يسرك ذلك, ولكن اعرض نفسك على كتاب الله, فإن كنت سالكا سبيله زاهدا في تزهيده راغبا في ترغيبه خائفا من تخويفه فاثبت وأبشر, فإنه لا يضرك ما قيل فيك, وإن كنت مباينا للقرآن, فماذا الذي يغرك من نفسك إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها فمرة يقيم أودها (2) ويخالف هواها في محبة الله ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه الله (3) فينتعش, ويقيل الله عثرته فيتذكر ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف وذلك بأن الله يقول إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (سورة الاعراف آية 200)…‏

______‏

(1) “الجُعفى” زنة الكرسي: نسبة إلى جعف بن سعد العشيرة بن مذحج أبى حى باليمن. وهو جابر بن يزيد بن الحرث بن عبد يغوت الجعفى من اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام و خدم الامام أبا جعفر عليه السلام سنين متوالية مات رحمه الله في أيام الصادق عليه السلام سنة ثمان وعشرين ومائة.‏

(2) الأود: العوج. وقد يأتى بمعنى القوة.‏

(3) نعشه الله: رفعه وأقامه وتداركه من هلكة وسقطة. وينعش أى ينهض وينشط‏

…وحضره ذات يوم جماعة من الشيعة فوعظهم وحذرهم وهم ساهون لاهون، فأغاظه ذلك، فأطرق مليا، ثم رفع رأسه إليهم فقال: إن كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتا.‏

ألا يا أشباحا بلا أرواح وذبابا بلا مصباح كأنكم خشب مسندة (5) وأصنام مريدة, ألا تأخذون الذهب من الحجر، ألا تقتبسون الضياء من النور الازهر، ألا تأخذون اللؤلؤ من البحر.‏

خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها، فإن الله يقول: ” الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله (سورة الزمر آية 18) ” ويحك يا مغرور ألا تحمد من تعطيه فانيا ويعطيك باقيا، درهم يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف مضاعفة من جواد كريم، آتاك الله عند مكافأة (7) هو مطعمك وساقيك وكاسيك ومعافيك وكافيك وساترك ممن يراعيك.‏

من حفظك في ليلك ونهارك وأجابك عند اضطرارك وعزم لك على الرشد في اختبارك, كأنك قد نسيت ليالي أوجاعك وخوفك, دعوته فاستجاب لك، فاستوجب بجميل صنيعه الشكر، فنسيته فيمن ذكر, وخالفته فيما أمر.‏

ويلك إنما أنت لص من لصوص الذنوب (8), كلما عرضت لك شهوة أو ارتكاب ذنب سارعت إليه وأقدمت بجهلك عليه، فارتكبته كأنك لست بعين الله, أو كأن الله ليس لك بالمرصاد.‏

يا طالب الجنة ما أطول نومك وأكل مطيتك وأوهى همتك (9) فلله أنت من طالب ومطلوب ويا هاربا من النار ما أحث مطيتك إليها وما أكسبك لما يوقعك فيها, انظروا إلى هذه القبور سطورا بأفناء الدور، تدانوا في خططهم (10) وقربوا في مزارهم وبعدوا في لقائهم, عمروا فخربوا, وآنسوا فأوحشوا, وسكنوا فأزعجوا, وقطنوا فرحلوا, فمن سمع بدان بعيد وشاحط قريب (11) وعامر مخروب, وآنس موحش, وساكن مزعج, وقاطن مرحل (12) غير أهل القبور؟.‏

يا ابن الأيام الثلاث:‏

يومك الذي ولدت فيه, ويومك الذي تنزل فيه قبرك, ويومك الذي تخرج فيه إلى ربك، فياله من يوم عظيم يا ذوي الهيئة المعجبة والهيم المعطنة (13) مالي أرى أجسامكم عامرة وقلوبكم دامرة, أما والله لو عاينتم ما أنتم ملاقوه وما أنتم إليه صائرون لقلتم: ” يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (سورة أنعام آية 27) ” قال جل من قائل: ” بل بدا لهم ما كانوا يخفون ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون (سورة أنعام آية 28) “.‏

________________________________‏

(5) شبههم عليه السلام في عدم الانتفاع بهم بالخشب المسندة إلى الحائط والاصنام المنحوتة من الخشب وإن كانت هياكلهم معجبة وألسنتهم ذليقة.‏

(7) إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة آية 261: ” مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم.‏

(8) “اللص” بالكسر: فعل الشئ في ستر ومنه قيل للسارق: لص، وجمعه لصوص.‏

(9) أوهى فلانا: أضعفه وجعله واهيا.‏

(10) الخطط: جمع خطة بالكسر: ما يختطه الانسان من الارض ليعلم أنه قد احتازها ليبنيها دارا, والارض التى تنزلها ولم ينزلها نازل قبلك, وبالضم : الامر والخصلة.‏

(11) الشاحط: البعيد.‏

(12) القاطن: المقيم.‏

(13) الهيم: الابل العطاش, العطن بالتحرك: وطن الابل ومبركها حول الماء, وأعطنت الابل: حبسها عند الماء فبركت بعد الورود, وعطنت الابل: رويت ثم بركت.‏

… وقال عليه السلام: أيها الناس إنكم في هذه الدار أغراض تنتضل فيكم المنايا، لن يستقبل أحد منكم يوما جديدا من عمره إلا بانقضاء آخر من أجله، فأية أكلة ليس فيها غصص؟ أم أي شربة ليس فيها شرق؟ (16) استصلحوا ما تقدمون عليه بما تظعنون عنه (17)، فإن اليوم غنيمة وغدا لا تدري لمن هو.‏

أهل الدنيا سفر (18) يحلون عقد رحالهم في غيرها. قد خلت منا اصول نحن فروعها، فما بقاء الفرع بعد أصله.‏

أين الذين كانوا أطول أعمارا منكم وأبعد آمالا؟ ! أتاك يا ابن آدم ما لا ترده, وذهب عنك ما لا يعود, فلا تعدن عيشا منصرفا عيشا, ما لك منه إلا لذة تزدلف بك إلى حمامك؟ ! (19) وتقربك من أجلك؟ ! فكأنك قد صرت الحبيب المفقود والسواد المخترم, فعليك بذات نفسك ودع ما سواها واستعن بالله يعنك .‏

____________‏

(16) غص غصصا بالطعام: اعترض في حلق شئ منه فمنعه التنفس,‏

وشرق بالماء أو بريقه: غص.‏

(17) الظعن: الرحال والسير.‏

(18) السفر بالفتح فالسكون جمع سافر، أى المسافرون.‏

(19)الحمام ككتاب: قضاء الموت وقدره أى لقربك إلى موتك.‏

واخترم: أهلك والسواد المخترم: الشخص الذى مات.‏

0 تعليق

اترك تعليق

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*