بالخجل والتقصير
نفتتح كلامنا بذكر بعض نِعمِ الله تعالى علينا، منذ قبل وِلادتنا إلى كل تفاصيل حياتنا، فلم يكِلْنا بفضله وحنانه إلى أنفسنا… فَلْنتأمَّل في الكلمات الآتية برويَّة وتفهُّم وإنَّنا لمُقصِّرون:
الحَمْدُللَّهِ الَّذي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ وَلاَ لِعَطائِهِ مَانِعٌ وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ وَهُوَ الجَوادُ الواسِعُ، فَطَرَ أَجْنَاسَ البَدائِعِ وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعِ…
اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي وَإِلَيْكَ مَرَدِّي إِبْتَدأتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُرابِ ثُمَّ اسْكَنْتَنِي الأَصْلاَبَ آمِناً لِرَيْبِ المَنُونِ وَاخْتِلاَفِ الدُّهُورِ والسِّنِينَ، فَلَم أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ فِي تَقَادُمٍ مِنْ الأَيَّامِ المَاضِيَةِ وَالقُرُونِ الخَالِيَةِ….
أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدى الَّذِي لَهُ يَسَّرتَنِي وَفِيهِ أَنْشَأْتَنِي وَمِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ.
فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى، وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي.