إدخال السرور على المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام الحسين عليه السلام في دعاء عرفة: ” إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني بخدمة توصلني إليك”… كيف ستكون
حال مؤسسة أو مجتمع يحرص كل فرد منه على إسعاد الآخر ؟
والإسعاد والسرور عنوانان كبيران يندرج تحتهما :
الزيارة والهدية والخدمة والتبسم والقرض والأنس وكشف الكرب والإشباع والكسوة…
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : مَنْ سرَّ مؤمنا فقد سرني ، ومن سرني فقد سر الله عزّ وجلّ./وسائل ج11 ص 569 ح1
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : مَنْ أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومَنْ أدخله على رسول الله صلى الله عليه وآله فقد وصل ذلك إلى الله ، وكذلك من أدخل عليه كربا./وسائل ج11 ص 570 ح4
وعن أبي جعفر عليه السلام قال : تبسُّم الرجلِ في وجه أخيه حسنة ، وصرفه القذى عنه حسنة ، وما عُبد الله بشيء أحبَّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن./ وسائل ج11 ص 569 ح2
وأوحى الله عزّ وجلّ إلى داود النبي عليه السلام :
إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي ، فقال داود عليه السلام :
يا رب وما تلك الحسنة ؟ قال : يُدخل على عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة ، قال داود : يا رب حقٌ لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك. وسائل ج11 ص 570 ح7
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : مَن أدخل على مؤمن سرورا خلق الله من ذلك السرور خَلْقا فيلقاه عند موته فيقول له : إبشر يا ولي الله بكرامة من الله ورضوان ، ثم لا يزال معه حتى يدخله قبره فيقول له مثلَ ذلك ، فاذا بُعث تلقاه فيقول له مثلَ ذلك ، ثم لا يزال معه عند كل هول يبشره ويقول له مثلَ ذلك ، فيقول له : مَنْ أنت يرحمك الله ؟ فيقول : أنا السرور الذي أدخلته على فلان./ وسائل ج11 ص 571 ح8
إدخال السرور علـى الامام الصادق(ع)
مَنْ منـا لا يـحب إدخـال السـرور إلـى قلـب الامـام الصادق(ع)؟!.
ولـو علمنـا يقينـا أن العمل الفلاني يـرضـي ويسعد الامام(ع)، وكان حيا بيننا،أفلا نقوم بهذا العمل ؟!
حتما نقوم بذلك وأكثر.
ومن هذه الأعمال: كشف الكربة عن المؤمن، وقضاء القرض عنه،واشباعه،وكسوته.واليك هذه القصّة من أولها وهي : كــان رجــل مــن شيعة أهــل البيت(ع) ومـن أحبائهم، وكان مسؤولا عن بعض الشؤون الاقتصادية ومن كبار الملآّكين على ما يبدو في الأهواز وفارس ، وكان له ديّنْ على بعض العاملين عنده، وهو من الشيعة أيضا! فذهب الرجل المدين الى الامام الصادق(ع) وقال له: إنّ في ديوان النجاشي عليّ خراجا، وهو مؤمن، يدين بطاعتك ، وان رأيتـك أن تكتب لي اليه كتابا، فكتب أبو عبد الله(ع) له:
بسم الله الرحمن الرحيم ” سُرّ أخاك، يَسُرَّك الله” فلما ورد الكتاب عليه، دخل وهو في مجلسه ، فلما خلا ناوله الكتـاب، وقال: هذا كتـاب أبـي عبد الله(ع)، فقبّـله ووضعه على يمينه، وقال: ما حاجتك ؟ قال: خراج عليّ في ديوانك، فقال له: وكم هو ؟ قال: عشرة آلاف، فدعا كاتبه، وأمره بأدائها عنه، ثم أخرجه منها، وأمر أن يثبتها له لقابل وفي رواية الوسائل: أنه أدى عنه عشرين ألف درهم من الخراج، ثم أمر له بمركب وجارية وغلام، وأمر له بتخت ثياب، وبفرش البيت الذي كان فيه، حيث قال له كما في النص: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت اليّ كتاب مولاي الذي ناولتني فيه، وارفع اليّ حوائجك.
وهو في كل ذلك يقول: هل سَرَرْتُك ؟ فيقول الرجل: نعم، جعلت فداك.
وخرج الرجل الى أبي عبد الله(ع) وصار اليه، فحدّثه بما جرى معه، وقال له: كأنه قد سرّك ما فعل بي؟ فقال(ع): ” إي والله لقد سرّ الله ورسوله”.
وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال لكميل بن زياد:” يا كميل، مُرْ أهلك أن يروحوا في كسب المكارم، ويُدلجوا في حاجة من هو نائم، فوالذي وسع سمعه الأصوات، ما من عبد أودع قلبا سرورا، إلا وخلق الله من ذلك السرور لطفا، فإذا نزلت به نائبة جرى كالماء في إنحداره، حتى يطردها عنه كما تطرد غريبة الإبل عن حياضها”.
وفي حديث طويل عن الامام الصادق(ع):” اذا بعث الله المؤمن من قبره، خرج معه مثال يقدّمه أمامه ، كلّما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة، قال له المثال: لا تفزع ، لا تحزن، وأَبْشِر بالسرور والكرامة من الله عز وجل، حتى يقف بين يدي الله، فيحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به الى الجنة، والمثال أمامه ، فيقول له المؤمن: يرحمك الله، نِعْم الخارجُ، خرجتَ معي من قبري، ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله حتى رأيتُ ذلك، فمَن أنت، فيقول: أنا السرور الذي أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله منه لأبشّرك”.