كلمة تأبين
بسم الله الرحمن الرحيم « بسم الله، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله ، عبدك وابن عبدك ، نزل بك ، وأنت خير منزول به، اللهم افسح له في قبره ، وأَلْحِقْه بنبيه ، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا، وأنت أعلم به»
« إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم ارفع درجة ميِّتِـنا في أعلى عليين، وأَخْلف على عقبه في الغابرين، وعندك نحتسبه يا رب العالمين».
اللهم إرحمْ غربتَه وإرحمْ شيبته……
« اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله »
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى (35)
وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى (36)
فَأَمَّا مَن طَغَى (37)
وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38)
فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)/ النازعات
عباد الله :
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا ….لاَ تَدُومُ حَبْرَتُهَا ، وَلاَ تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا، غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ، حَائِلَةٌ زَائِلَةٌ، نَافِدَةٌ بَائِدَةٌ…
غَرَّارَةٌ، غُرُورٌ مَا فِيهَا، فَانِيَةٌ، فَانٍ مَنْ عَلَيْهَا، لاَ خَيْرَ في شَيْءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلاَّ التَّقْوَى …
كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ، وَذِي طُمَأْنِينَةٍ إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ، وَذِي أُبَّهَةٍ قَدْ جَعَلَتْهُ حَقِيراً، وَذِي نَخْوَةٍ قَدْ رَدَّتْهُ ذَلِيلاً….
حَيُّهَا بِعَرَضِ مَوْتٍ، وَصَحِيحُهَا بَعَرَضِ سُقْمٍ! مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ، وَعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ….
أَلَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ أَعْمَاراً، وَأَبْقَى آثَاراً، وَأَبْعَدَ آمَالاً، وَأَعَدَّ عَدِيداً، وَأَكْثَفَ جُنُوداً! تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّدٍ، وَآثَرُوهَا أَيَّ إِيثَارٍ، ثُمَّ ظَعَنْوا عَنْهَا بَغَيْرِ زَادٍ مُبَلِّغٍ وَلاَ ظَهْرٍ قَاطِعٍ … أَفَهذِهِ تُؤْثِرُونَ, أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ, أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ ….
فَاعْلَمُوا، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وَظَاعِنُونَ عَنْهَا، وَاتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ (قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً): حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ …… اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْناً، وَبِالسَّعَةِ ضِيقاً، وَبِالْأَهْلِ غُرْبَةً، وَبِالنُّورِ ظُلْمَةً، فَجَاؤُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا، حُفَاةً عُرَاةً، قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الْدَّائِمَةِ وَالدَّارِ الْبَاقِيَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) خ/ 111
أيها الأعزاء :
كلما غادَرَنا كبيرٌ في عمره, غادَرَتْنا بركةٌ استمرت عقودا…
وكلما غادَرَنا كبيرٌ في فعله , غادَرَتْنا بركةٌ إنتشرت وأينعت وأثمرت…
بركةُ الأدب والخلق والصّلة والعطاء والمثابرة والجهاد… وتأكيدِ الهوية والأصالة.
الأصالة التي هي الضرورة والنكهةُ المميَّزة والفرادة لهذه الأمة.
الأصالة التي هي آداب وسنن ونواميس… ولولاها, نكون بلا هوية ولا وجود.
نحتاج إلى الأصالة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، في زمن التغريب والتبديل والتهجين والتقليد والانهزامية والدونيّة والانبطاح.. والانكشاف إلى أبعد الحدود.
نشتاق إلى مراجعنا وعلمائنا وكلّ كبارنا، في حركاتهم وسكناتهم ونظراتهم واحتسابهم وجَلَدهم وصبرهم وعطائهم بلا حساب.
نشتاق إليهم في زمن الغربة والتبعيّة، في الجوهر والمظهر وفي الصغيرة والكبيرة.
نشتاق لكبار الأمة وكبار التاريخ الذين صنعوا مجدا وعزا وكرامة، الذين تعاملوا بنديّة وجديّة مع الأعداء.
في زمن يتوهّم البعض أنه يُحاور الظالمَ والعدو والباغي والمحتل والمعتدي والسارق والمستعمر…
وهل يُمكن للمستَعْمَر أن يُحاور أو يُجادل المستعمِر المفتعلِِِ للمجازر في بلادنا منذ أمد مديد؟!
لكنْ، ما يربط على القلوب ويُسكِّنُها، أن الله منَّ علينا بنعمة لو قضينا أعمارنا صياماً قياماً تعبُّداً ورِقاً ما أديناه القليل من حقه، نعمةِ روح الله الموسوي الخميني رحمة الله عليه.
ما يُهدِّىء الروع، أن نُعايش في أُمتنا عائلات بركة تُقدم الشهيد والشهيدين والثلاثة( عائلة الشهيد عماد مُغنية)، ثم تُقدّم المزيد.
ما يُطمئن النفوس أن عماد الأصل( المقصود به الشهيد عماد مُغنية)، أصبح آلافاً، يستولد آلافاً، يستولد ظاهرة، يستولد قدوة, يستولد نهجاً، يستولد ما لا ينضب من الخيرات والبركات، يُغيظون أعداء الله في كل ساعة.
أيها الأحبة :
نستودع فقيدنا وأحبتـنا عند مَنْ لا تضيع ودائعُه تبارك وتعالى…
« اللهم صِل وحدته ، وآنِس وحشته ، وأسكِن إليه من رحمتك رحمة تغنيه عن رحمة مَن سواك »
“اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وصاعِدْ عملَه ولقِّه منك رضوانا، اللهم … ولقِّنه حجته ، واجعل اليوم الذي تُوفي فيه خيرَ يوم أتى عليه ، واجعل قبره خيرَ بيت نزل فيه ، وصيِّره إلى خير مما كان فيه ، ووسِّع له في مدخله ، وآنس وحشته، واغفر ذنبه ، ولا تحرمنا أجره ، ولا تُضلنا بعده » .
اللهم اغفر لحيينا ومييتنا شاهدِنا وغائبنا كبيرِنا وصغيرنا
اللهم مَنْ أحيَـْيتَه منا فأحْيـِه على الإسلام ، ومَنْ توفَّيتَه منا فتوفَّه على الإيمان.
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)/ النازعات