تلاقح الثقافات، هذا وغيره أثارته الغدير مع الكاتب اللبناني سماحة السيد سامي خضرة.
المحور الأول : الإعلام في نظر الإسلام
الغدير : بدايةً سماحة السيد، كيف توصفون وجهة نظر الإسلام للإعلام بشكله التنظيري و التنفيذي؟
السيد : لا شك أنَّ كلَّ فئة أو مجموعة تريد لفكرها وعقيدتها أن تـنـتشر، ولكن لا يكون ذلك بالطبع إلاَّ من خلال الدعوة والترويج له، فهذه خاصية لا تختص بالإسلام فقط. ومن الطبيعي أن ندافع عن الطرح الإسلامي مقابل الأطروحات الأخرى.
الغدير : يثير البعض على أن الإسلام إذا حكم إعلامياً فإن ذلك يعني سيادة نوع واحد من الفكر، لأن كل ما عدا الفكر الإسلامي ضلال في نظر الإسلام على حد تعبيرهم . سماحة السيد، كيف ينظر الإسلام إلى مسألة تقبل الرأي الآخر، وما يترتب على ذلك من استضافتهم إعلامياً؟
السيد : بالنسبة لمسألة ” تقبل الرأي الآخر” فهذه مسألة إعلامية ضبابية كَثُر استعمالها في المدة الأخيرة بأسلوب دعائي، ولا بلورة لتفاصيلها.
فَمَنْ هو الآخر، وإلى أيِّ حدٍ تقبله أو تحاوره أو يقبلك ويحاورك ، وما الهدف من ذلك، وهل هو يقبل بك كما تقبل به؟
تارة ًيكون “الآخر” مع مَنْ يتفَّق معك في عقيدتك أو أمور أساسية فيكون القبول على أساس النقاش في التفاصيل. وتارةً يكون بعيداً عنك كلَّ البعد، ولا يعترف بعقيدتك أصلا ً.
هذه من جهة، ومن جهة أخرى:
تارة ً يكون الحوار لمجرد الترف الفكري، وهذا لا يُحبِّذه الإسلام أصلاً.
وتارة ً يكون بقصد أن أقنعه أو يقنعني، ويعترف بصحة ما أقول أو أعترف بصحة ما يقول.
كل هذا، وتناول هذا المصطلح وحتى اليوم، يتم بطريقة استعراضية لا جدية، فكيف تتقبل الآخر في ظل هذه الهجمات والتصريحات العدائية؟ وهل هو يعترف أصلا ً بأنك أهل الحوار؟
ثم والأهم:
ماذا نفعل بالنصوص الشريفة من آيات وروايات التي لا تعترف بهذا الآخر؟!
المحور الثاني : نظرة إلى الإعلام العربي
الغدير : في ظلال ما تطبل عليه الحكومات العربية من إصلاحات واحتضان للشعب ،كيف تنظرون إلى ما يمارسه الإعلام العربي عملياً من حيث تمثيله لشعبه؟
السيد :
أولا ً: موضوع الإصلاحات لم يأخذ صداه إلاَّ بعد الإصرار الأمريكي على إجراء بعض التغييرات.
ثانياً: ما المقصود بالإصلاحات، فالمتتبع للرغبات الأمريكية وصداها بين حكامنا “والمثقفين” لا يراها إلا تخفيفاً وتهذيباً وتشذيباً لكل ما يمت للإسلام بصلة.
ثالثاً: المانع من الإصلاحي الحقيقي في كل هذه العقود، هم أنفسهم المنادون به اليوم، فما عدا ما بدا.
رابعاً: هل الإصلاحات المطروحة هي “إصلاحات” أم زيادة تغريب عن الفكر والثقافة والقيم الإسلامية؟
أما الإعلام العربي فلا يُدلِّل إلاَّ أنَّ هذه الأمة أمة طرب وغناء، لأنَّ هذين في إعلامنا أكثر من حظ فلسطين والعراق وأفغانستان …… ودارفور في السودان.
الغدير : أثارت برامج الواقع مثل ستار أكاديمي وغيره اهتمام الكثيرين إلى الدرجة التي وصل عدد المصوتين فيها من الوطن العربي أكثر من 65 مليون صوت.
– ما هي نصيحتكم للشباب الذين يتابعون هذه البرامج؟ وما هي اقتراحاتكم – لاسيما الإعلامية – من أجل أن تكون بديلاً لهذا البرنامج؟
السيد : كنا نقول بالأمس واليوم نؤكد مجددا، أنَّ هذه البرامج مخطَّط لها، وهذا بناء على معلومات وتحليلات.
والآن، وبعد مضي سنوات على مثل هذه البرامج وانتشارها أصبح واضحاً أنَّ لها أهدفاً كثيرة، أقلها تمييع الشباب وصرفهم عن الاهتمام بشؤون الأمة.
وقد ذكرت ُ تفاصيل عن ذلك في بعض الخطب والمقالات “وخبر وتعليق” على الموقع. والمسؤولية التاريخية في ذلك تتحملها مؤسسات LBC ثم المستقبل ثم MBC … ثم انتشر الفساد في البر والبحر. وهذه المؤسسات خلفيتها معروفة منذ اليوم الأول لتأسيسها، ومعلوم مَنْ يقف وراءها.
أما التوجيهات والاقتراحات، فالأمر يطول، لكن من المخجل أنه مقابل عشرات الفضائيات ليس لنا إلا نصيب ٌ لا يُذكر.
المحور الأخير : نظرة إلى حضور الفكر الإسلامي في الإعلام العربي
الغدير : يشير الإمام الخميني إلى أن امتلاك المسلمين للحق لا يكفي إذا لم يملكوا حضور الحق، بمعنى أن يوصلوا صوت الحق. سماحة السيد، ما هو تقييمكم لمدى حضور الفكر الإسلامي في الإعلام العربي؟
السيد: بداية، إنَّ الإمام الخميني رحمة الله عليه نعمة، يبدو أنَّ الكثيرين لم يعرفوا قيمتها حتى الآن. أما مسألة إيصال الحق، فمشكلتنا الأساسية هي “في عدم ثقتنا بأنفسنا” يعني بفكرنا وآدابنا، وهمُّنا المَرَضي هو “قبول الآخر والانفتاح والتطور” بطريقة سطحية كأنه لا عقيدة لنا ولا فكر ولا تاريخ ولا علماء ولا مبادئ ، ومَنْ كانت عنده هذه المشكلة وهذا المرض، فلن ينفعه كل وسائل الإعلام والإعلان.
الغدير : هل من كلمة أخيرة . . . ؟
السيد : علينا أن نثق بديننا ونُؤمن أنَّه هو الحق، ولا نجبُن أمام الهجمات المعادية لتأويل مفاهيمنا وهمُّنا استرضاؤهم، ولن يرضى عنا الأعداء حتى نتَّبع ملتهم.