وجوب الستر على المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم….“ اللهم ولا تكشف مستوري…. ولا تُعلن على عيون الملأ خبري، أخْفِ عنهم ما يكون نشرُه عليَّ عاراً، واطوِ عنهم ما يُلحقُني
عندك شَنارا”.
المؤمن يحنّ الى المؤمن كما تحنّ الطيور الى أوكارها، والمؤمن يرتاح ويستأنس الى المؤمن كما ترتاح الطيور الى أشكالها، والمؤمن غريب في هذه الدنيا، ولذا يشتاق لأخيه، ليؤنسَه من استيحاش، ويُنْسيه وحدته.
شياع الفاحشة من أعمال الشيطنة:
والشيطان لا يريحه كل ذلك ، فيُوسوس في صدور الناس، لإلصاق التهم وسوء الظن، حتى تسودَ الفِرْقَة والخلاف بين المؤمنين.
أليست أكثر خلافاتنا من الوشايات والاشاعــات ؟!
أوليس أكثر تفرُّقنا من الأكاذيب والأراجيف؟!
أليس أكثر غلِّ صدورنا للذين آمنوا، من سوء الظن وخبث السرائر؟
ولو تركنا الشكَّ الى اليقين لوفَّرنا على أنفسنا الكثير من المتاعب والمشاكل والخلافات والاختلافات ، والنزاعات والمشاحنات، والهموم والارتيابات، حتى لو فرضنا أنَّ ما يُقال عن أخينا المؤمن كان صدقا… فيجب الستر عليه، ولا يجوز فضحه أمام الآخرين.
إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ….. (11) ………..
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)
وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17) …….
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ (20)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ….. (21) النور
وجوب ستر الكبيرة :
وقد عبّر بعضهم بوجوب تكذيب مَنْ نسب الى المؤمن شيئا من السوء… فكم هو مجتمعنا غافل عن هذه الأسس الشرعية، والسنن المحمدية. وحتى لو قام المؤمن لا سمح الله بالكبيرة، يجب الستر عليه، ونصحه في السر دون العلانية، فنجبرَه ولا نكسرَه كما ورد عن الباقر(ع):”يجب للمؤمن على المؤمن ، أن يستر عليه سبعين كبيرة”.(وسائل الشيعة ج 11 ص 593 ح1)
وجوب حسن الظن بالمؤمن :
المتكلمون كُثُُر، والواشون كُثُُر ، والمصطادون في المياه العكرة أكثر، إلا أن المؤمن الحق هو الذي لا تهتز ثقته بأخيه الورع التقي الذي يعرف حدّه ويقف عنده.
وكم من قائل أو ناقل أو راوٍ…وقوله كذب،ونقله شبهة، وروايته خطأ!
ورد عن أمير المؤمنين(ع) في نهج البلاغة:
” أيها الناس من عرف من أخيه وثيقة دين، وسداد طريق، فلا يسمعنّ فيه أقاويل الرجال، أما إنه قد يرمي الرامي وتخطىء السهام…أما انه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع” فسئل(ع) عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ثم قال: الباطل أن تقول سمعت،والحق أن تقول رأيت”. (وسائل الشيعة ج 11 ص 593 ح2)
ولا ريب أن الحكم على الأخ المؤمن أو أيّ شخص آخر بلا يقين ظلم عظيم، ومجانية للحق.
ورد عن علي(ع):” ليس من العدل، القضاء على الثقة بالظن”.
ومن آداب السلوك في الاسلام تحري الخير في كل عمل يقوم به المؤمن،أو في كل كلمة ينطق بها، فنراه بعين الثقة والتنزيه والترفع، ولا ننسب اليه باطلا أو جهلا أو مجانبة للحق”.
ورد عن علي(ع):” لا تظُنَّنَ بكلمة خرجت من أخيك سوءً، وأنت تجد لها في الخير محتملا”. (وسائل الشيعة ج 11 ص 593 ح3)