المقدمة
سُنَّة رسول الله (ص)… لِمَنْ؟
مُقْلقٌ حقاً ذلك الإهمال الكبير، والتقصير الواضح والمُسْتشري في اتِّباع سُنَنِ وادابِ ومستحباتِ شريعة خاتم الأنبياء محمّد 1.
ومُسْتهجنٌ هذا الإهمال، خاصةً أنَّ للمؤمن سَمْتاً ومَظْهراً ونهجاً وسلوكاً يُميِّزُهُ عن غيره من النّاس، ويُعرفُ به المسلم عن غيره من البشر… يتمثّل بالتقيُّد الاختياري، وبوازعٍ داخلي، وبرغبة صادقة، بسُنَّة رسول الله 1 كتعبير عن حبِّه للمصطفى 1 وعشقه للقيام بما كان يقوم به من أفعال وأقوال.
أمَّا إذا لم يتقيَّدْ المسلمون بهذه السُّنن، فَمَنْ يتقيَّد بها، ومَنْ هو الذي يُحْييها بعد موتها؟
وهالني أن أرى من حولنا متديِّنين لا يلتزمون بهذه السُّنن، بل أنَّ أكثرهم يجهلها!
وهل يبلغ أحدُنا حقيقة الإيمان إلاَّ أن يكون رسولُ الله 1 أحبَّ إليه من أبيه وأُمِّه وأولاده والنَّاس أجمعين؟!
ولا شك أنَّ من جملة حبِّ رسول الله 1 حبَّ أفعاله.
* * *
والاداب والسُّنن كثيرة، حتى لم يبق فعلٌ ولا عبادةٌ ولا مَسْلكٌ حياتي… إلاَّ وله أنظمة واداب أحقُّ أن تُتَّبعَ من غيرها، من سنن الجاهلية القديمة والحديثة[(1)].
ورد في النصِّ المبارك عن الإمام زين العابدين 5:
«إنَّ أفضل الأعمال عند الله، ما عُمل بالسُّنَّة وإنْ قَلْ»[(2)].
والمهمُّ أن تُصْبحَ هذه السُّنن «مَلَكَات»، أي صفات، لا تنفك عن صاحبها.
وفي هذا ورد في العديد من النصوص الشرعية، ضرورة الإلتزام، على الأقل، لِسَنَةٍ واحدة بهذا الأدب… فَمَنْ استطاع الالتزام لِسَنَةٍ واحدة، فإنَّه يستطيع ذلك، لسنوات عديدة… سنوات عمره.
ورد في النصّ الشريف:
«إيَّاك أن تفرض على نفسك فريضةً، فتُفارقها اثني عشر هلالاً»[(3)].
ومن الواضح، أنَّ ما في هذا الكتيِّب، ليس كل الاداب وكل السُّنن، لأنَّها كثيرةٌ جداً، ولم تُحفظ في الكتب فقط، بل، في الصدور، وفي السلوك، أباً عن جد، عن أئمَّتنا الكرام، عن رسول الله 1…
وما من شيء يمرُّ معنا في هذه الصَّفحات، إلاَّ وفيه روايةٌ أو أكثر، ذكرها المحدِّثون، وأفتى بها الفقهاء، رضوان الله عليهم، على المشهور.
فالذي بين أيدينا، في هذه الوريقات البسيطة، هو قسمٌ أساسيٌ منها،… ومنه يبدأ الإلتزام بهذه البركات المُخْتَزَنَة، التي ينبغي إحياؤها باتِّباعها.
وقد ورد في الأخبار الكثيرة الموثَّقة أنَّ مَنْ سمع شيئاً من الثواب على عمل، فَعَمِلَهُ التماسَ ذلك الثَّواب، أعطاه الله ذلك، وإن لم يكنْ كما سمعه، فكيف مع وجود هذا الكم من الأخبار والروايات والفتاوى والإجماعات.
ويبقى الكثير في أمَّهات الكتب..
أمّا مَنْ أراد التفصيل، فَلْيُرَاجِعْ: وسائل الشيعة، وحلية
المتَّقين، والعروة الوثقى، وسلسلة اداب السلوك، وأخلاق النبي 1..
وما الاراء المعروضة هنا إلاَّ ممَّا اشتُهر بين فقهائنا، رضوان الله تعالى عليهم[(4)]..
والأهم من كل ما تقدَّم، العملُ والاستمرارُ والثباتُ على ذلك:
فَمَنْ أحبَّ النَّبيَّ 1 اقتدى بسُنَّته.
لتحميل الكتاب اضغط هنا :