ظاهرة تفسير المنامات
الجمعة 28 صفر الخير 1431 الموافق 12- 2- 2010
ظاهرة التجاهر والإعلان للمنامات , صحيحها وكاذبها , في مجتمعنا , آخذة بالإنتشار! آيات في المنامات : قال الله ربي جل جلاله ” لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ
رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27) ” الفتح
وتحقق ذلك عندما دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة فاتحا مع عشرة آلاف مقاتل من أصحابه في اليوم العشرين من شهر رمضان سنة 8 هجرية.
” فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ (102)” الصافات , وذلك مع إبراهيم وإبنه إسماعيل عليهما السلام في منى .
الألفاظ المترادفة للرؤيا:
أ – الرؤيا : “وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ (60) “الإسراء
” لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ(27)”الفتح
ب – الأحلام : جمع حِلم النوم لأنه حال أناة وسكون في النوم .
” يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)” يوسف
ج _ الأحاديث : وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ (21) يوسف
وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ (6) يوسف
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ (101) يوسف
المترادف في تعبير الرؤيا :
أ – وهو التفسير: ” وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)” الفرقان
ب – التأويل :أي المنتهى الذي يؤول إليه المعنى .
وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ (6) يوسف
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ (101) يوسف
وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ(21) يوسف
ج – التعبير :وهو مشتق من عبور النهر .
” يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)” يوسف
د- الفتوى : أي الحكم .
يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ (43) يوسف
يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ (46) يوسف
أسئلة لا بد منها للرائي :
الرؤيا قد تكون بسبب تسديد أو هداية أو إشتياق ( كالجائع والعطشان والقصة مع الإمام الصادق عليه السلام ) أو الخوف والوجع والمرض وخسارة الشخص القريب جداً…
وهل كان الرائي قبل النوم هادئاً أم غضباناً أو يفكر بشيء معين ؟
وهل كانت أحلام اليقظة مسيطرة عليه طوال النهار أم هموم العمل والدنيا ؟
هل كان في نومه مطبقا للمستحبات ؟
هل نام وهو يقرأ شيئاً من القرآن أو يسبح ربه, أم نام وهو يفكر باللهو واللعب والمال والعبث ؟
هل نام وهو جنب أم نام وهو طاهر ؟
هل نام في منزل فيه خمر أو كلب أو نجاسة أو صنم أو آلة طرب ؟
” من طرب قلبه إلى حرف من آلآت الغناء ، فكأنما لطم عليا على وجهه”
هل نام وهو يشعر بالجوع أو العطش أم بالشبع والتخمة ؟
هل تناول حراما ؟
آداب الرائي :
من آداب الرائي الصدق وأن يسأل أهل الإختصاص والدين والخبرة والإطلاع, ولا يتفاخر أو يحكم أو يستبق , وأن يحافظ على السرية, وأن لا يحسد أو يبغض أو يحقد …. ” قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5)” يوسف
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :” لا تقصص رؤياك إلا على حبيب أو لبيب “.
المنامات منها الصادق ومنها الكاذب:
ولا يمكن لغير المعصومين أو أهل الحفظ الإلهي من المشايخ الكاملين السالكين والأولياء والصالحين … الاعتماد على الرؤيا تماما, لأن صادق الأحلام ممزوج بكاذبها, فالله سبحانه وتعالى كما تولى ظاهرهم بالعصمة أو الحفظ تولى باطنهم ، وإلا فما معنى ولايتهم ، وكيف أصبحوا أولياء إن لم يحفظ الله تعالى ظاهرهم وباطنهم ؟!
والولي هو الذي يتولى الله سبحانه حفظه وحراسته فلا يخلق له الخذلان الذي هو قدرة العصيان ، وإنما يديم توفيقه الذي هو قدرة الطاعة ، قال الله تعالى ” وَهُوَ يَتـَوَلَّى الصَّالِحِينَ ” الأعراف 196، أي فالرسل والأنبياء معصومون, والأولياء من الآفات والزلات محفوظون.
فمن كانت هذه أحوالهم ومراتبهم ، لا يُشك في مصداقية رؤاهم وما تنطوي عليه من الخير والصلاح والمعرفة والتي يمكن الاعتماد عليها,
وأما عوام الناس فرؤاهم ليست جميعها صادقة بالضرورة ، فبعضها يصح وبعضها لا , إذ لو كانت جميع الأحلام صادقة لكان الناس كلهم أنبياء ، ولو كانت كلها كاذبة لانتفت المنفعة!
فالأحلام تصدق أحياناً فينتفع بها الناس في مصالح يهتدون بها أو مضار يتحذرون منها , وتكذب أحياناً كثيرة ، لئلا يعتمد عليها في كل شيء .
فعلى المرء ان يتأنى في العمل بما يرى ، وان يعرض الأمر والنهي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال : « ما زال الإنسان يرى الشيء فيكون ، ويرى الشيء فلا يكون » , أي قد تصح أحلام الإنسان وقد لا تصح.
قال الشيخ المفيد :
” إن منامات الرسل والأنبياء والأئمة عليهم السلام صادقة لا تكذب … وبذلك جاءت الأخبار عنهم عليهم السلام على الظهور والانتشار، وعلى هذا القول جماعة فقهاء الإمامية وأصحاب النقل منهم، وأما متكلموهم فلا أعرف لهم نفيا ولا إثباتا ولا مسألة فيه ولا جوابا…”
وقال “.. فإنا لسنا نثبت الأحكام الدينية من جهة المنامات وإنما نثبت من تأويلها ما جاء الأثر به عن ورثة الأنبياء عليهم السلام…”