حماية المجاهدين وحفظهم(خلف الغازي)
بسم الله الرحمن الرحيم…. لا ينفك الجهاد عن التضحية :
الجهاد في سبيل الله تعالى والتضحية توأمان…ومن ظنه بدونها فهو واهم ,
لا يدري حقيقته ولا حقيقتها .
فالجهاد تعب وسهر وعرق ومشقة وخطر وهجرة ووحدة وسفر وخوف وجرح وقتل …
قال الله جل جلاله
“كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)” البقرة
وقال الله جل جلاله في حق المجاهدين ومعاناتهم وثوابهم :
“…ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)
وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) “التوبة
والمجاهدون أعداؤهم كثر والمخوِّفون المهوِّلون أكثر…
قال الله جل جلاله
“الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)” آل عمران
لذا وجب على الأمة أن تنصرهم حتى بظهر الغيب.
لذا كان من الآداب الدُّعاءُ للمجاهدين بالتوفيق والنصر والتسديد والتأييد والتثبيت ، وهذا ما كان يحصل من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما ينبغي أن يحصل من ولي الأمر والقائد العام، حيث يترك أثراً روحياً ومعنوياً عالياً بين كل المسلمين ، فعن الصادق عليه السلام قال:
«إنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث سرية، دعا لها» (المصدر نفسه ح1)
ورُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام في الحث على مدح الشجاعِ من المقاتلين فقال:
«… فافسحْ في آمالهم، وواصِلْ من حسن الثناء عليهم، وتعديدِ ما أبلى ذوو البلاءِ منهم، فإنَّ كثرة الذِّكرِ لحسن أفعالهم، تهزُّ الشجاع، وتُحرِّض الناكلَ إن شاء الله…”
خيرات الجهاد ونتائجه تعود على الأمة :
ولا ريب أن نتائج الجهاد وعوائده هي للأمة والعقيدة قبل أن تكون للأفراد …
من هنا كان لا بدَّ للمسلمين، في أي مكان حلُّوا، أن تكون لهم قوَّةٌ وجندٌ، يحفظون كيانَهم ووجودَهم وكرامتهم ، ليأتي وعد الله تعالى للأمة بالنصر والغلبة, متمثلة بالأنبياء والجند.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } سورة الصافات الآيات 171 ـ 173
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النهج مشيرا إلى خطورة وحساسية موقع المجاهدين في الأمة ودورهم فيه:
« فَالْجُنُودُ، بِإِذْنِ اللهِ، حُصُونُ الرَّعِيَّةِ، وَزَيْنُ الْوُلاَةِ، وعِزُّ الدِّينِ، وَسُبُلُ الْأَمْنِ، وَلَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِهِمْ…»
خلف الغازي :
وبما أن المجاهدُ في سبيل الله يُمثِّلُ رمزَ التضحيةِ والفداءِ والوفاء، فهو الذي يُقدِّمُ راحةَ الأُمَّة وسلامَتها، على راحته وسلامته، وأقل ما أن تبادله إخلاصَه وفداءه هذا، بأن تحفَظه في غيبته، فلا يُذكرُ بسوء، وأن تحفظه في أبيه وأُمّه وزوجته وأولاده، فلا يبقى مشغولَ البالِ عليهم، من مرض طارىء، أو عسرٍ معيشيٍ يُصيبُهم .
قال الله جل جلاله
” فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)
وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)
الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)” النساء
فكم هو جميلٌ من المجتمع الإسلامي المقاوم، أن يتكفل كلَّ عوائل المجاهدين فيما يحتاجونه في أمر معاشهم، وعندها يطمئن المجاهد إلى مصير واستقرار عائلته، فينصرفُ إلى ساحة الجهاد والإباء، وهو مطمئن البال، مرتاحُ السريرة.
وقد ذكر الرواة والفقهاء استحبابَ أن يُخلَفَ الغازي بخير، وأن تُبلَّغَ رسالتُه، وذكروا أيضاً حرمةَ أذاه وغيبته، وأن يُخلفَ بسوء (وسائل الشيعة ج11، ص13)
فعن الصادق قال: «ثلاثة دعوتُهم مستجابة: أحدهم الغازي في سبيل الله، فانظروا كيف تخلِفُونَه( المصدر نفسه ح1)
وفي نص عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنَّ من اغتاب مؤمناً غازياً، وآذاه، وخلفه في أهله بسوء، وكان الغازي في طاعة الله عزَّ وجلَّ، نصب الله له يومَ القيامةِ ميزاناً ويُحاسبُه، فيستغرقُ حسناتِه، ثم يُوكَسُ في النار( المصدر نفسه ص14، ح3)
فهم جندُ الله في الأرض وجنودُ الله في السَّماء، فلنَراعي فيهم حقَّ هذا الانتماء، تمام رعايته.
قال الله تعالى: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وقال أيضاً: وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا/ سورة الفتح الآية 4