كل الهالة الإعلامية الكبرى وكل تحضيرات المعاونين التي مهدت لخطاب “أوباما ” تلاشت فور إلقائه لذلك الخطاب ! فالرجل المربك المقيَّد بضعفه , في
الداخل والخارج , أراد تسلق الثورات والانتفاضات العربية التي مهما حاول محاصرتها واستيعابها إلا أنها تبقى خارج إطار التدجين المألوف , فبقيت مساعيه مطاحن هواء , تُحاول وتُحاول دون جدوى !
يمدح ثورة مصر ورحيل حاكمها , وبلاده هي السند لهذا الحاكم وسائر الكيانات الدكتاتورية بل هو الحليف الأساس لعقود بحيث لولا مساندته وتدعيمه ما كانت السياسة الأمريكية في المنطقة على ما هي عليها اليوم .
ثم يلتفت إلى الثورة التونسية وسقوط الطاغية , وهو يعلم أنه لولا بلاده لم يستلم حاكم تونس السلطة أصلاً كل هذه السنين مع رعاية وحماية في كل أشكال الإمعان في الفساد والتسلط والجريمة المحمية .
بعد ذلك ينطلق أوباما في التنظير لحاكم ليبيا “المنتهية صلاحيته ” والذي وصل إلى نقطة اللارجوع , ويعلم الرئيس الأميركي عمق العلاقات الإستراتيجية بين بلاده وحاكم ليبيا , خاصة في العقد الأخير بعد حل مشكلة “لوكربي” !
أما اليمن فهو القاعدة الأميركية للإقامة والعبور والرصد والمراقبة والتصفية وللجولات اليومية ” لطائرة بدون طيار” على الطريقة الباكستانية!
وتأبى “إنسانية” أوباما الا تعريجاً على “أحداث” البحرين التي اختصرها ببرودة “حارقة” في الدعوة إلى الديمقراطية…..وكفى !!!
يبدو أن الهالة المفترضة لخطاب الرئيس الأميركي سقطت ولم تخدمه ولو لساعات معدودة ،أما الرئيس نفسه فيعيش محقا حيرة في تقييم الدول والحكام والأحداث والتطورات والثورات والانتفاضات ، بين ” المع والضد والحليف والسخيف والقوي والضعيف والخسيس والعفيف ” بما يحفظ مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وأولها ” أمن دولة إسرائيل” !
“فبراءة” أوباما لم تسمح له أن يُذكِّرنا كيف حافظ هؤلاء الحكام بمجموعهم على سلطاتهم لعقود مع كافة “خدمات” النهب والسرقة والفساد والتخلف و” انتهاك حقوق الإنسان” تلك ” الأغنية” الأميركية التي يُسْمعوننا إياها كل يوم ولمرات عديدة إلى درجة القرف .
و” براءة” المذكور لم تشرح لنا وجوه الحرية والديمقراطية التي تغرق فيها بلدان الخليج وفي مُقدَّمها “دُرَّة” التاج الأميركي ” السعودية ” مما يجعل مدح هذه الدول والسكوت عن جرائمها لازمة لا بد منها.
يبدو أن صرخة أوباما بالأمس في استانبول ، وصرخته الثانية في القاهرة سنة 2009 , وخطابه اليوم مسلسل مستمر “سَمِج” لم يستطع منافسة مسلسل ” باب الحارة”!!
$(function(){ $('#share').click(function(){ $('#social-buttons-container').toggle(); }); });