في تاريخ ما يسمى بـ ” القمم الروحية ” اللبنانية لم ننتظر يوما حلولاً ما لأزماتنا الدائمة سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو عسكريا .. ولا أن ”
تشيل الزير من البير” فالقمم الروحية أسلوب استُحدث في العقود الأخيرة لأهداف شكلية أحياناً وبروتوكولية وإعلامية و”تخديرية” أحيانا أخرى…
لكن المبالغة في التعظيم والتفخيم والتسريع في القمة الأخيرة التي عُقدت الأسبوع الماضي أدت إلى ما لم يكن في الحسبان من صدور بيان لم يُراع فيه لا سياسة ولا روحية…… ولا لياقة.
فالمفترض أن يتناول البيان إجماعات الحاضرين والمسلّمات الوطنية, وإلا فإنَّ الدخول في المسائل الخلافية هو متاهة تبدأ ولا تنتهي … وهذا بعينه ما حصل بالفعل في بيان اللقاء الأخير ، مما استدعى توضيحاً من المعنيين , كان توضيحاً ضرورياً حفاظاً على المبادئ والصِّيغ السائدة والأعراف المتَّبعة.
لكن مفاجأة المفاجآت أن المستعجلين لعقد القمة وقطف ثمارها بعد استنزاف استثمارها، أرادوا تكحيلها فعمَوْها.
فكيف يمكن الاستخفاف بالبيان التوضيحي الهام بالرد أنه “كلام في السياسة”!!!
فهل القول ” الصراع الفلسطيني الإسرائيلي” كلام في “الروحية” بينما ” الصراع العربي الإسرائيلي” كلام في السياسة ؟
وهل مصطلح “الدولة” كلام في الروحية ومصطلح ” لبنان والشعب والمقاومة” كلام في السياسة ؟
وهل ذكر المقاومة أو حق الدفاع أو التظلّم أو تحية الصامدين وجبر خاطر المدافعين ومواساة الباذلين والترحم على الضحايا… كلام ينافي الروح والروحيين وخروج من الدين؟
إنها الخطورة بمكان أن تُخترع أعراف وعادات تصبح “ديناً” مُتّبعا, من قبيل بروز جهة لتُمْلي على الآخرين فقط مقولة أو موقفا, على طريقة ” مجد لبنان أُعطي له” أو أنه “يُزار ولا يزور”!
أبهذه الروحية تُعقد القمم الروحية؟!
بالأمس القريب كما البعيد, لم يطلب أحد من القمم الروحية صنع المعجزات , فلا هذا دورها ولا هي قادرة على ذلك ولم تنشئ لمثل هذه المهمات.
لكن مصلحة الجميع أن يسود التواضع والاحترام و” المحبة والشركة” لتحقيق الحدِّ الأدنى الشكلي من الحدث في الصورة الفوتوغرافية والإعلام .
إن ما حصل من تجاوزات في بيان القمة الأخيرة، كان من الأجدى “بالمستثمرين” الفعليين “لكيان القمة” أن يُتْعبوا أنفسهم قليلا بإضافة شيء من الروحية المدَّعاة لمصلحة أنفسهم قبل مصلحة الآخرين, وذلك تحقيقاً للأهداف التي سعوا إليها.
أما الكلام بتجاهل أو تسخيف أو تعميم فما هو إلا هروب إلى الأمام ونعي لما بدؤوه وطمعوا في استثماره.
يا ليت القمة الروحية تُشفع بشيء من “السياسة” أو فَلْيُعْلن أنها فعلُ سياسة ليس فيه شيء من الروحية .
السيد سامي خضرة
$(function(){ $('#share').click(function(){ $('#social-buttons-container').toggle(); }); });