الغرور
بسم الله الرحمن الرحيم… الغرور الغرور لغة يقال: غررت فلانا أي أصبت غرته ونلت منه ما أريده.. والغرة: غفلة في اليقظة. وغارت الناقة: قلَّ لبنها
بعد أن ظُن أن لا يقل، فكأنها غرت صاحبها.
الغرور إصطلاحا
الغرور على ما عرفه بعض علماء الأخلاق، هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع عن شبهة وخدعة.
وقيل : إشتباه النفس بتصور الشر على أنه خير…وذلك بسبب الهوى.
وهو أحد المفاسد الأخلاقية التي يبتلي بها المؤمن.
وأنواعه وأسبابه كثيرة.
الغرور والغفلة
هناك ترابط كبير بينهما ، قال الله تعالى: ما غرك بربك الكريم [الانفطار/6]
قال أمير المؤمنين (ع): سكر الغفلة والغرور، أبعد إفاقة من سكر الخمور..
وعن أمير المؤمنين (ع) : الحذر الحذر فواللَّـه ، لقد ستر حتى كأنه قد غفر.( في إشارة منه إلى عظيم الغفلة السائدة)
وقال (ع): الدنيا خلقت لغيرها .. ولم تخلق لنفسها .
وقال : يابن آدم إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه ، وأنت تعصيه فاحذره .
فكثرة النعم الدنيوية ليست دليلا على الزلفى والقربى ))
وعنه(ع) جماع الشر في الاغترار بالمُهل والاتكالِ على العمل.
غرور شياطين الإنس والجان
وقال تعالى: وما يعدهم الشيطان إلا غرورا [النساء /120]
قيل أن أحد الصالحين بقي له نََفَسٌ من عمره فجاءه الشيطان وقال له : نجوت من كيدي..
فأجاب : لم يثبت ذلك بعد !( تذكرة المتقين ص 109)
وقال تعالى: بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا [فاطر/40]
وقال: يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا [الأنعام/112]
غرور الدنيا
والغرور هو كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشباب وسكر النعمة وشهوة وشيطان (والشيطان أخبث الغارين )
قال الله تعالى وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ((الحديد/20)
وقيل: الدنيا تغر وتضر وتمر…
وقال الله تعالى أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ (56) المؤمنون
ومن غرور الدنيا : النسب والآباء والعشيرة مع ” أن التقوى واجب عيني على كل مكلف بخصوصه ” فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ (101) المؤمنون
غرور العبادة
قال الله تعالى فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) الانعام
عن النبي (ص) يا ابن مسعود لا تغترن بالله ولا تغترّن بصلاتك وعملك وبرّك وعبادتك
وبعض العباد إكتـفوا بخفض الصوت وإطراق الرأس والبكاء !
وقال الامام الصادق عليه السلام: لا يغرنك بكاؤهم فإن التقوى في القلب.
كلمة للإمام الصادق (ع) في المغرورين
في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنه قال:
المغرور في الدنيا مسكين، وفي الآخرة مغبون، لأنه باع الأفضل بالأدنى، ولا تعجب من نفسك، فربما اغتررتَ بمالك وصحة جسدك، لعلك تبقى،
ولعلك اغتررتَ بطول عمرك وأولادك وأصحابك لعلك تنجو بهم، وربما اغتررت (بحالك) بجمالك ومنيتك (وإصابتك مأمولك) وأموالك وهواك فظننت أنك صادق ومصيب،
وربما اغتررت بما ترى على الندم على تقصيرك في العبادة، ولعل الله يعلم من قلبك بخلاف ذلك،
وربما أقمتَ نفسك على العبادة متكلفاً والله يريد الإخلاص،
وربما افتخرت بعلمك ونسبك وأنت غافل عن مضمرات ما في غيب الله تعالى،
وربما توهمت أنك تدعو الله وأنت تدعو سواه،
وربما حسبت أنك ناصح للخلق وأنت تريدهم لنفسك أن يميلوا إليك،
وربما ذممت نفسك وأنت تمدحها على الحقيقة
( بحار الأنوار: ج65، ص319)