الصلاح والفساد
الصلاح: ضد الفساد، وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالأفعال، وقوبل في القرآن تارة بالفساد، وتارة بالسيئة، قال تعالى: خلطوا عملا صالحا وآخر سيئ [التوبة/102]، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها [الأعراف /56]..
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاح: ضد الفساد، وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالأفعال، وقوبل في القرآن تارة بالفساد، وتارة بالسيئة، قال تعالى: خلطوا عملا صالحا وآخر سيئ [التوبة/102]، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها [الأعراف /56]..
والصلاح على ما ذكره الراغب – يقابل الفساد الذي هو تغير الشيء عن مقتضى طبعه الأصلي فصلاحه كونه على مقتضى الطبع الأصلي فيترتب عليه من الخير و النفع ما من شأنه أن يترتب عليه من غير أن يفسد فيحرم من آثاره الحسنة.
وصلاح الذات لا ينفك عنه صلاح العمل، قال تعالى: «البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه»: الأعراف: 58.
والصلح يختص بإزالة النفار بين الناس، يقال منه: اصطلحوا وتصالحوا، قال تعالى: أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير[النساء/128]،فأصحلوا بين أخويكم [الحجرات/10]
وإصلاح الله تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا، وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالصلاح، قال تعالى: وأصلح بالهم[محمد/2]….وأصلح لي في ذريتي [الأحقاف/15] إن الله لا يصلح عمل المفسدين [يونس/81] أي: المفسد يضاد الله في فعله؛ فإنه يفسد والله تعالى يتحرى في جميع أفعاله الصلاح، فهو إذا لا يصلح عمله.
ورد في الحديث عن رسول الله(ص): «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ إصلاح ذات البين، فإنَّ فساد ذات البين هي الحالقة»
وجاء في وصية أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع)، لولده الحسن (ع) يقول: «أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين، بتقوى الله ربّكم، فإني سمعت رسول الله(ص) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام، وإن البُغضة حالقة الدين وفساد ذات البين، ولا قوة إلا بالله».
وفي سيرة الإمام الصادق(ع)، أنّه كان يضع مالاً عند بعض أصحابه، وهو المفضل، ويقول له: «إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة (إذا حدث هناك أي خلاف بين شخصين وتوقَّف الإصلاح على بذل المال ) فافتدها من مالي».
ويقول الإمام الصَّادق(ع): «صدقة يحبّها الله: إصلاحٌ بين النَّاس إذا تفاسدوا، وتقاربٌ بينهم إذا تباعدوا»
الفساد: خروج الشيء عن الاعتدال، قليلا كان الخروج عنه أو كثيرا، ويضاده الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس، والبدن، والأشياء الخارجة عن الاستقامة، يقال: فسد فسادا….. قال تعالى: لفسدت السموات والأرض [المؤمنون/71]، لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [الأنبياء/22]، ظهر الفساد في البر والبحر [الروم/41]….ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل [البقرة/205] والله يعلم المفسد من المصلح [البقرة/220].
والفساد في محاربة الله، في قوله تعالى: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا» وإن كانت بعد استحالة معناها الحقيقي وتعين إرادة المعنى المجازي منها، ذات معنى وسيع يصدق على مخالفة كل حكم من الأحكام الشرعية وكل ظلم وإسراف.
وأسباب الفساد هي:
1- المعصية:
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)الروم
وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30)الشورى
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا.
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ”ان الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة”.
2- الإختلاف:
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها )
3- الإستواء(والتحاسد):
وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا(32)الزخرف
4- ومنع الحق:
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لن يقدس الله أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع.(في النصوص أنه قالها في غير موطن)
لا أصلحكم بإفساد نفسي:
“إنكم والله لكثير في الباحات قليل تحت الرايات واني لعالم بما يصلحكم ويقيم أَوَدَكم ولكني والله لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي…”