ويعبر عن الأمم السابقة بألفاظ من قبيل :قوم نوح- قوم هود-يا قوم-أصحاب مدين-أصحاب الرس- بنو إسرائيل…..
وهذا التشريف مما تختص به هذه الأمة، تماما كتصدير الخطابات بلفظ ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ _ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ” مبنيا على التشريف والتكليف العام
المؤمنون الحقيقيون :
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3)
أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا /الأنفال
خمس من بين مجموع صفات أهل الإيمان(ثلاث من أعمال القلوب واثنتان من أعمال الجوارح)، بحيث إذا إلتزموا بها يسهل توطين النفس على التقوى، وإطاعة الله ورسوله .
وقد روعي في ذكرها الترتيب….بحسب الطبع.
الإيمان هو التسليم والعمل :
أي الإزعان والإلتزام به عملا فلو لم يلتزم لم يكن إيمانا وإن كان هناك علم….
” وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14)/النمل”
” وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ (23)/الجاثية “
والإيمان عمل كله ….والقول بعض ذلك العمل
وفي القرآن الكريم كلما ذكر المؤمنون بوصف جميل شفع الإيمان وقرن بالعمل الصالح، والآيات في ذلك كثيرة جدا…:
أ- مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (96)
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (97)/النحل
ب- الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (29)/الرعد
المال والبنون ..إستدراج وإملاء :
يظن الكفار أن المال والبنين خيرات لهم،والحق أنها فتنة للإنسان، وهو سبحانه القائل “إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)التغابن” …. …وإنما هي كذلك، فقط، عند المؤمنين بالله ورسله واليوم الآخر والصالحين في أعمالهم :
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55)
نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ (56)
إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (57)
وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58)
وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)
أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)/المؤمنون
والإشفاق مختلط بالخوف، لأن المشفق يحب المشفق عليه
الرجوع عن الإيمان : بسبب الضعف أو الخوف من الفتنة:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ(10)/العنكبوت
أو بسبب العصبية مع الوعد بالنصرة والإغراء:
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12)/العنكبوت
أو بمجاهدة الوالدين والأسباب العاطفية :
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8)/العنكبوت
وكل سورة العنكبوت من بدئها وسياقها إلى ختامها تشير أن حقيقة الإيمان ليس مجرد القول بل هوالذي لا تحركه عواصف الفتن ولا تغيره غِيَر الزمن،بل يزداد ويتثبت ويستقر بتوارد الفتن وتراكم المحن.
فالفتن والمحن سنن إلهية لا تخلف عنها ، تجري على الحاضرين كما جرت في الأمم الماضين…..فاستقام منهم من استقام ، وهلك من هلك…
وأما المشركون المفتنون للمؤمنين….فهم في علم الله وقدرته…ولا يخرجون من سلطانه .
الإيمان يقوى ويضعف ويزداد وينقص :
قال تعالى ” لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ (4)/الفتح “
والإيمان حالات ودرجات وصفات ومنازل،…..
روي عن حماد بن عمرو النصيبي، قال: سأل رجل العالم(عليه السلام) فقال: أيها العالم أخبرني أي الاعمال أفضل عند الله؟ قال: «مالا يقبل عمل إلاّ به، فقال: وما ذلك؟ قال: الإيمان بالله، الذي هو أعلى الأعمال درجة وأسناها حظاً وأشرفها منزلة، قلت: أخبرني عن الإيمان أقولٌ وعمل أَمْ قولٌ بلا عمل؟ قال: الإيمان عمل كله، والقول بعض ذلك العمل بفرض من الله بيّنة في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد به الكتاب ويدعو إليه، قلت: صف لي ذلك حتى أفهمه.
فقال: إنّ الايمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهي تمامه ومنه الناقص المنتهي نقصانه ومنه الزائد الراجح زيادته، قلت: وإن الإيمان ليتم ويزيد وينقص؟ قال: نعم، قلت: وكيف ذلك؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسّمه عليها وفرّقه عليها فليس من جوارحهم جارحة إلاّ وهي موكّلة من الإيمان بغير ما وكّلت به أختها…………….
هذا نقصان الإيمان ….فمن أين الزيادة؟ قال من قوله تعالى:” وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ (125/التوبة “
” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)/الكهف “
قال الصادق (ع): استقبل رسول الله (ص) حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري، فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك النعماني؟!.. فقال: يا رسول الله!.. مؤمنٌ حقاً، فقال له رسول الله (ص): لكلّ شيء حقيقة، فما حقيقة قولك؟.. فقال: يا رسول الله!.. عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرتُ ليلي، وأظمأتُ هواجري.. وكأني أنظر إلى عرش ربي وقد وُضِع للحساب، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة، وكأني أسمع عواء أهل النار في النار.. فقال رسول الله (ص): عبدٌ نوّر الله قلبه، أبصرتَ فأثبتْ.
——————–
السيد سامي خضرا
——————-